نور الشريف فنان يهدف دوماً للتميّز، شغوف بالبحث عن فكرة ومضمون ينسجمان مع ثقافته كفنان وإنسان، حيث ينتقي أعمالاً تعكس احترامه لنفسه وجمهوره. عن الجزء الثاني من مسلسل «الدالي» وأعماله السينمائية، وعلاقته بزوجته السابقة الفنانة بوسي يدور هذا الحوار، الذي تمّ في أحد المراكز التجارية حيث التقطنا لنور صوراً عفوية بزيّه العسكري الذي منحه طلة شبابية بامتياز:.
> هل كنت تنوي من البداية تصوير جزء ثانٍ من مسلسل «الدالي»؟
ـ بعد انتهاء المؤلف من كتابة نصف حلقات الجزء الأول، حدّثني في موضوع الجزء الثاني فوافقت، رغم اعتراضي على مسلسلات الأجزاء،
إلا أن تشعب الأحداث هو الذي شجعني على تقديم جزء ثانٍ من المسلسل.
> ولكن الجزء الثاني احتوى على عدد كبير من مشاهد الـ«فلاش باك» كاملة من الجزء الأول، وهو ما اعتبره البعض إفلاساً فنياً؟
- مشاهد «الفلاش باك» في الجزء الجديد ضرورية للأحداث الدرامية، فهي مكمّلة لها ومنطقية أيضاً؛ لتذكير المشاهد بأحداث الجزء الأول، بالإضافة إلى أن الهجوم على العمل لاعتماده على هذه المشاهد ليس جديداً. فالجزء الأول احتوى على العديد من مشاهد «الفلاش باك» وهاجمته الصحافة والنقاد أيضاً، ومع ذلك نجح العمل وقدمنا جزءاً جديداً منه.
وفاء عامر والإضافة
> وهل هذه الثقة هي السبب فيما يكتب من تعليقات على تيتر العمل، ففي الجزء الأول كتب على نهاية التيتر: «أنا سعد الدالي أنت مين»، وفي الجزء الثاني كتب «المرة دي ما حدش هيقدر يسبق سعد الدالي».
ـ هذه الثقة أساسها مستوى العمل واختلافه وجودته، وهي ليست باعثاً على كتابة أي تعليقات. فهذه التعليقات لا أكتبها للصحافة أو النقاد، ولكني أعتبرها نوعاً من التشويق. وأقصد في التعليق الأخير، أن سعد الدالي سينتصر على كل من يقف أمامه مثل المافيا.
> كيف ترى اشتراك الممثلة وفاء عامر في الجزء الجديد من المسلسل؟ هل أضافت له أي جديد؟
ـ وفاء عامر فنانة لها إضافات متميّزة على الأعمال التي تشترك فيها، وهذا ما حدث بعد مشاركتها في الجزء الثاني من المسلسل، وسيحتوي دورها على العديد من المفاجآت.
المشاهد المحذوفة
> تردّد أن المسلسل لم يتمّ عرضه على لجنة مشاهدة الأعمال الدرامية من الأساس، فقد حجز لنفسه مكاناً للعرض على التلفزيون المصري قبل أن تنتهي اللجنة من عملها؟
ـ المسلسل تمّ عرضه على لجنة المشاهدة تماماً كما يحدث مع مسلسلات رمضان كل عام، وقد أبدت رأيها فيه. وتمّت الموافقة على عرضه على التلفزيون المصري خلال شهر رمضان. فأنا لا ألقى معاملة خاصة في التلفزيون المصري؛ حتى يُقبل مسلسلي بدون أن يعرض على لجنة المشاهدة، وكل ما يترّدد في هذا الإطار شائعات لا أساس لها من الصحة.
> تردّد أيضاً أن الرقابة قامت بحذف مجموعة كبيرة من المشاهد والأحداث الهامة في المسلسل قبل عرضه على شاشة التلفزيون. ما مدى صحة ذلك؟
ـ بالفعل، لقد قامت الرقابة بحذف مشاهد كثيرة، أعتبرها من أهم المشاهد التي تضمّنها الجزء الثاني. وقد حدث ذلك، رغم أنني قمت مع منتج العمل محمد فوزي، والمخرج يوسف شرف الدين، بتهديد المسؤولين في الرقابة بأننا سنقوم بالتصعيد حتى يصل الأمر إلى وزير الإعلام في حالة إصرار الرقابة على حذف هذه المشاهد. لكنهم أصروا على موقفهم، وما كان أمامنا سوى احترام قرارهم بالرغم من عدم رضانا عنه.
> وما المشاهد التي تمّ حذفها من الجزء الثاني من المسلسل؟
ـ حادث المنصة الشهير الذي راح ضحيته الزعيم الراحل أنور السادات في أكتوبر عام 1981، وقد برّرت الرقابة اعتراضها على المشهد، بأن المسلسل يعرضه كاملاً كما حدث، وسلسلة الأحداث التي أعقبت الحادث الشهير مثل ظهور التيارات الإسلامية، والتيارات الإقتصادية الإسلامية في الفترة من عام 1983 إلى عام 1986. كما أصرت الرقابة على حذف مشاهد تحديد إقامة البابا شنودة، وغيرها من المشاهد.
> قيل إن شخصية سعد الدالي هي تجسيد لشخصية رجل الأعمال المصري عثمان أحمد عثمان؟
ـ لقد واجهت هذا الكلام في الجزء الأول من المسلسل. وها أنا أواجهه ثانية. والحقيقة أن سعد الدالي لا علاقة له بعثمان أحمد عثمان. فليس كل من أطلق عليه لقب معلّم هو عثمان أحمد عثمان. بالإضافة إلى أن عثمان، لم يتعرّض للإغتيال فمن تعرّض له حقيقة هو رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري.
> هل تقصد أنك تجسّد دور رفيق الحريري؟
ـ أنا لا أجسد شخصية أحد، فالدور هو افتراض فني من خيال المؤلف.
الكتّاب الجدد
> من الملاحظ أن أغلب الوجوه الجديدة التي قمت بتقديمها لم تخرج عن إطار «الدالي»، فلماذا؟
ـ أنا لم أحتكر الوجوه الجديدة في «الدالي»، بدليل أن أحمد صفوت يشارك في مسلسل «ناصر» لمجدي كامل. غير أنني أعلم أن شركتي إنتاج محمد فوزي ومجموعة «النصر» و«الماسة» و«الأوسكار» ستتولى رعاية كل هؤلاء الشباب؛ لأن هذه المواهب إن لم تجد فرصتها في الأعمال التلفزيونية ومع كبار النجوم فمتى تجدها؟ فالساحة الفنية بحاجة دائماً إلى دماء جديدة.
> كيف ترى الأعمال التي تعرض حالياً على شاشة رمضان هذا العام؟
ـ كلها أعمال جيدة مثل «الفنار» و«ناصر» و«جدار القلب» و«في أيد أمينة»، لكني لم أتابع الكل بسبب تصويري المشاهد الأخيرة من «الدالي».
> لكنك صرحت من قبل بأنك غير راضٍ عن مستوى الدراما التلفزيونية؟
ـ للأسف، إن الجيل الجديد من المؤلفين محدود الثقافة والفكر، أو بمعنى آخر، إن محترفي الكتابة في الدراما التلفزيونية ليس لهم صلة بالكتابة، والموضوع له علاقة بالإنتاج الذي يضغط على السيناريست؛ لكي يقوم بالمط والتطويل في أحداث المشهد الواحد حتى يوفر من إمكانيات الإنتاج. أما ما يقال عن أن ارتفاع أجر النجوم هو سبب من أسباب الأزمة، فهذا الكلام غير صحيح؛ لأن السوق عرض وطلب، وعلى كل طرف سواء النجم أو المنتج أن يقبل أو يرفض وليس أكثر. لذلك، أرى أن هناك خطأ في نظام الإنتاج في مصر، وأطلب من وزارة الإعلام أن تعيد النظر في كل شيء يخصّ الدراما المصرية، وتضع ضوابط للكتابة، وللإخراج!
لم أتردّد لحظة
> إشتركت هذا العام في فيلمين هما «مسجون ترانزيت» و«ليلة البيبي دول»، بالإضافة إلى الجزء الثاني من مسلسل «الدالي» الذي يعرض في العام نفسه. ألا ترى أن كثرة ظهور الفنان «تحرقه» إعلامياً؟
ـ أعجبتني قصة فيلم «مسجون ترانزيت»، وشعرت من خلالها بأني سأقدم دوراً مختلفاً، لم أقدمه من قبل على مدار مشواري الفني. أما «الدالي» فهو الجزء الثاني من مسلسل بدأته العام الماضي، ونويت أن أقدّم جزءاً ثانياً منه؛ ليبقى «ليلة البيبي دول». وهذا لم أكن أستطيع أن أرفض الظهور فيه حيث تقوم ببطولته مجموعة من كبار الممثلين، مثل محمود عبد العزيز وليلى علوي ومحمود حميدة، وتنتجه شركة «غود نيوز»، بالإضافة طبعاً إلى أن كاتب السيناريو هو الراحل عبد الحي أديب الذي أثرى السينما العربية بأجمل الأفلام.
> ومع كل ذلك، جاء المستوى الفني للفيلم ضعيفاً وانتقد الكثيرون موافقتك على الظهور فيه؟
ـ قبل أن أتحدث عن الفيلم، يجب أن أوضح مدى المعاناة التي كنا نعيشها أنا والأستاذ عبد الحي أديب حتى انتهينا من كتابة قصة هذا الفيلم، حيث اجتهد الكاتب المعروف عبد الحي أديب ـ رحمه الله ـ اجتهاداً لا يصدق؛ لكي يستحوذ هذا الفيلم على كل الأحداث السياسية التي وقعت في تلك الفترة الزمنية بكل دقة، مهما كانت خطورة ما سيتم طرحه في هذا العمل، ومع ذلك، هوجم الفيلم حتى قبل أن يتمّ عرضه.
> إنتقدك الكثيرون بسبب ظهورك شبه عارٍ في مشاهد التعذيب بسجن أبو غريب؟
ـ ظهوري شبه عارٍ لم يقلقني تماماً، ولم أتردّد لحظة واحدة في أن أفعل هذا؛ لأنني أراه في مكانه الصحيح في سياق الأحداث الدرامية للفيلم، لكننا للأسف أصبحنا في زمن الإثارة، فبعض الصحف قامت بالتعليق على الصور بشكل مثير لزيادة نسبة مبيعاتها.
> بعد كل هذا التاريخ ألم تفكر في دخول بوابة السينما العالمية ؟
ـ أريد أن أوضح أن لفظة «العالمية» هي كلمة تجارية والتجارة في العالم كله يحكمها الأميركيون؛ لهذا لا يوجد فيلم عالمي غير الفيلم الأميركي فلا الإنجليزي ولا الإيطالي عالمي؛ لأن أميركا لن تسمح لهما بغزو السوق الأميركي، ولن تسمح لصناعة السينما بأن تزدهر وتغزو السوق المسيطرة عليها أميركا، ولكن هناك عالمية فنية، ونحن نملكها وهي ممثَلة في المخرجين يوسف شاهين وصلاح أبو سيف وعاطف الطيب ومحمد خان وداود عبد السيد. كل هؤلاء لهم مكانتهم في تاريخ السينما العالمية على مستوى النقد الفني المتخصص. فالعالمية الفنية نحن نملك فيها رصيداً كبيراً. ورغم ذلك، لا نستطيع أن ندخل المهرجانات العالمية؛ حيث تحكمها السياسة. وإذا نظرنا إلى ثلاثة مهرجانات كبرى في العالم، وهي برلين وكان وفينيسيا، فسنلاحظ أن كلاً منها يضمّ عشرين فيلماً منها 3 أفلام للدولة المنظمة للمهرجان.
الإفطار مع بوسي
> ما عاداتك الرمضانية في هذا الشهر الكريم؟
ـ رمضان شهر العبادة؛ لذا فأنا لديَّ بعض العادات الدينية التي ألتزم بها خلال شهر رمضان، بالإضافة إلى أنني أفضّل تناول الإفطار مع إبنتيّ سارة ونور، وأحياناً مع بوسي؛ لنفطر معاً، فهذه العادة استمرت معنا حتى بعد الإنفصال.
> هل علاقتك بـ بوسي ما زالت جيدة بعد انفصالكما؟
ـ ولماذا تسوء؟! فـ بوسي مازالت صديقة، وعندما أفكر في السفر أتصل بها؛ لأسألها إن كانت تحتاج إلى شيء أحضره لها معي أثناء السفر وكذلك تفعل هي.
> ألا تفكران في العودة؟
ـ أنا وبوسي صديقان جداً، ولم نبتعد عن بعضنا.